الإثنين 9 ذو القعدة 1444

مرحلة الطباعة


مصحف قطر: البحث عن المطبعة المناسبة
 19-04-2011

اضغط على الصورة لعرضها بالحجم الطبيعي

كل من له تعامل سابق مع عوالم الطباعة والمنشورات يعلم مدى صعوبة المهمة المتعلّقة بلجنة طباعة "مصحف قطر"؛ وذلك للكثرة في عدد المطابع في مختلف أنحاء العالم، والحاجة إلى الخبرة الواسعة في الاختيار الدقيق.

إن ذلك يستلزم الزيارة الميدانيّة للمطابع المقترحة –على تفاوت مواقعها في أنحاء العالم- والاطلاع المباشر على الآليّة المباشرة المتبّعة لدى المطبعة في تنفيذ العمل، فضلاً عن مشاكل اختيار الورق المناسب للعمل المطلوب والوقوف على ظروف التخزين.

ومن ناحيةٍ أخرى: يجب النظر في عمليّات الطباعة والتجليد المستخدمة، مع النظر إلى الخامة المستخدمة في التجليد والصمغ الخاص بالأوراق، والتأكد من سلامة الأحبار وجودتها، ومدى مناسبة المواد الكيميائيّة المستخدمة في عمليّات الطباعة.

كلّ ذلك شكّل عبأً إضافيّاً على اللجنة، فكان من الضرورة أن يتم اختيار فريق خاص يقوم بالسفر إلى الخارج والنظر في المطابع المختلفة.

كانت البداية في بيروت، حيث قام الوفد بزيارة المطابع هناك نظراً لشهرتها في العالم العربي، وتمّ الوقوف على مدى قدراتها على تنفيذ المشروع، وتسجيل الملاحظات الفنيّة المتعلّقة بذلك، وجرت طباعة عيّنات من المصحف والاحتفاظ بها لأجل المقارنة.

ثم خرج الوفد عن نطاق العالم العربي، ويمّم وجهه شطر تركيا وعاصمتها استانبول؛ وذلك للمستوى المتميّز الذي وصلته المطابع هناك مع وجود الروح الشرقيّة القادرة على تفهّم حساسية المشروع وطبيعة.

في تلك الأثناء، قدّم الدكتور خالد آرن والدكتور محمد التميمي من مركز الأبحاث للثقافة والفنون النصيحة للوفد، وخيّرهم بين أربع مؤسسات طباعيّة مشهورة وقادرة على تنفيذ المشروع بالدقّة والسرعة المطلوبة.

وعلى رأس الوفد السيد صالح المرّي، توجّه الوفد إلى مطبعة "ماس" التركيّة للاطلاع على إمكانيّاتهم ومبانيهم في استانبول، وتم تكليف السيّد محمد بورا مدير المطبعة بالقيام بطباعة نموذجٍ مقدّم من اللجنة وهو جزء عمّ.

أدرك السيّد بورا أن هذا العمل هو فرصة العمر، وشرف وامتياز كبير، خصوصاً وأنه لم يُطبع في تركيا سوى مصحفان خاصّان بالدول، مصحف مصر والذي ُطبع في الخمسينات من القرن الماضي، ومصحف السعوديّة الذي طُبع بعدها بعشرين سنة، وكلّه أملٌ أن يكون "مصحف قطر" هو المصحف الثالث الذي ستتمّ طباعته داخل تركيا.

وفي وقتٍ قياسيّ يُقدّر بثلاثة أسابيع استطاعت المطبعة أن تُقدّم ستة أحجام مختلفة من التجارب الطباعيّة وهو ما يُسمّى بــ(البروفات) مع تصاميم كاملة وتخطيط للصفحات، مع بيان ما يتعلّق بالطباعة والتجليد المختصّان بالمصحف، موظفّين في ذلك خبرتهم العالية في التعامل مع التصاميم، مستلهمين في ذلك التقاليد التركية في التعامل مع الخطاطين ومخطوطاتهم.

أخذ السيد صالح المرّي تلك المخوطات وعاد بها إلى الدوحة، واستعرض أمام اللجنة كلّ ما لديه من رؤى، ليستقرّ الأمر أخيراً على مطبعة "ماس" التركيّة، ويُبشّر صاحبها السيد محمد بورا بوقوع الاختيار عليه، وكان ذلك العمل مصدر فخرٍ له وللعاملين بمطبعته إذ وفقهم الله في طباعة القرآن الكريم في تركيا من جديد.