عشرُ سنوات...
وعشرات الملايين من الريالات...
وآلاف النُسخ...
ومئات العاملين..
كلّها تحكي قصّة الإنجاز الحضاري الذي حظيت به دولة قطر لتتوّج جهودها الكبيرة في حفظ كتاب الله تعالى ونشره في أرجاء العالم.
وهذا الإنجاز الحضاري لم يكن وليد اللحظة، بل كان حلماً داعب الخيال في لحظاتٍ مبكّرة للغاية، فقد كانت البداية الرسمية لهذا المشروع في الشهر الثامن من عام 1991م، وفي ذلك الوقت لم تكن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أنشئت بعد، ولم يكن هناك سوى إدارة للشؤون الإسلامية.
في ذلك الوقت، قام السيّد خليفة بن جاسم الكواري رئيس المحاكم الشرعية آنذاك والنائب لمدير الشؤون الإسلامية وقت غيابه، قام برفع مذكرة إلى سعادة وكيل المحاكم الشرعية وهي عبارة عن اقتراح يتضمّن فكرة كتابة مصحف جديد خاص يكون باسم دولة قطر، ويشاء الله عز وجل أن يتمّ التداول لهذه الفكرة والتباحث فيها دون أن تخلص إلى نتائج ملموسة.
وتعود الفكرة إلى السطح بعد ثمان سنوات من طرحها، أي عام 1999م، وذلك بتوجيهات من سعادة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بهدف إحياء الفكرة والنظر في إمكانيّة تنفيذها، فقام السيّد خليفة بن جاسم الكواري بدراسة الموضوع من جديد، والقيام بوضع خطّة للمشروع، واضعاً فيها الضوابط والمعايير التي ينبغي مراعاتها للتنفيذ، ومبيّناً في الوقت ذاته التكاليف المالية المتوقّعة في ظل أسعار السوق في ذلك الزمان.
وتبلورت الفكرة أكثر عندما قام الخطّاط العالمي التركي الأستاذ محمد أوزجاي معالي السيد أحمد بن عبدالله المري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في ذلك الوقت، حيث أهداه نسخةً من باكورة أعماله والتي كانت نسخةً من مصحفٍ حاز شرف كتابته بنفسه وتمّت طباعته في استانبول بتركيا، مبيّناً لمعاليه طبيعة التجربة التي خاضها والصعوبات التي مرّت عليه في سبيل تحقيق غايته في كتابة المصحف الشريف.
وبهذه المداولات وتلك الأحاديث نشأت الفكرة التي كانت بداية الخطّ وأوّل الطريق لتحقيق الحلم الكبير، حلم إنجاز مصحف قطر، مفخرة الأمة الإسلاميّة.